نشرت منصة أتلانتيك كآونسل مقالًا لجوزيف إبستين، سلّط فيه الضوء على مستقبل اتفاقيات أبراهام بعد مرور خمس سنوات على توقيعها. وأوضح أن هذه الاتفاقات، التي أرست علاقات طبيعية بين إسرائيل وأربع دول عربية (الإمارات، البحرين، المغرب، السودان)، تواجه اليوم تحديات جديدة، خاصة مع استمرار الحرب في غزة، مما يقلص فرص انضمام السعودية رغم الترقب المستمر لذلك.

الاتفاقات لم تكن مجرد تطبيع ثنائي، بل مثلت تحولًا إقليميًا نحو التسامح والاستقرار ونبذ الطائفية. ولكي تستمر هذه الروح، يقترح الكاتب تحويل الاتفاقات إلى تحالف متعدد الأطراف يضم دولًا ذات أغلبية مسلمة لها علاقات دافئة مع إسرائيل، مثل أذربيجان، كازاخستان، أوزبكستان، الكاميرون، وكوسوفو، وأن يتأسس هذا التكتل على قيم التسامح ومحاربة التطرف الإسلامي.

ويقترح المقال تأسيس إطار مؤسسي شبيه بنموذج "بريكس" الذي يربط دولًا كبرى دون أن يُخضعها لميثاق موحد أو أمانة دائمة. مثل هذا النموذج يمكن أن يعزز التعاون في مجالات مكافحة الإرهاب، والتعليم، والتبادل الثقافي. على أن يكون اتخاذ القرار بالتوافق، مع رئاسة دورية وأمانة حيادية تتولى المهام الفنية والتنظيمية.

أذربيجان وكازاخستان تُعدان من أقرب الشركاء المسلمين لإسرائيل، إذ تنتهج الدولتان سياسة تسامح ديني وعرقي واضحة، ما سهّل التعاون العميق، خصوصًا في مجالات الطاقة. كازاخستان أدانت بشكل صريح هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 وطالبت بالإفراج غير المشروط عن الرهائن. أما كوسوفو فافتتحت سفارتها في القدس، بينما أعربت الكاميرون عن دعمها لإسرائيل ورفضت التصويت لصالح قرارات أممية تطالب بوقف إطلاق النار. حتى أوزبكستان زادت من تعاونها التجاري وأطلقت رحلات مباشرة إلى تل أبيب.

رغم ذلك، لا تُعد جميع الدول ذات العلاقات الرسمية مؤهلة تلقائيًا للانضمام. فالأردن ومصر – ورغم العلاقات الدبلوماسية – لا تزالان تعانيان من قلة التفاعل الشعبي وعدم تمثيل اليهود في مناهجهما التعليمية. تركيا بدورها اتخذت موقفًا مؤيدًا لحماس منذ اندلاع الحرب، وصعّدت من خطابها المعادي للسامية.

التوسع المحتمل لهذا التحالف قد يثير ردود فعل سلبية من إيران وتركيا، لكنه سيعزز الأمن والاستقرار في وجه التيارات الإسلامية المتطرفة، التي لا تزال تشكل تهديدًا للمنطقة وللمصالح الأمريكية.


فضلًا عن الأمن، يمكن أن يشمل التعاون قضايا مشتركة مثل تغيّر المناخ، ندرة المياه، وإدماج التكنولوجيا الإسرائيلية في الزراعة وتحلية المياه.

ورغم العقبات المتوقعة، يؤمن الكاتب أن التوسيع المدروس للاتفاقيات سيحقق فوائد بعيدة المدى، على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي. ومع دعم أمريكي ذكي – كمنح امتيازات تجارية وتقنية – يمكن جذب دول جديدة دون تحويل التحالف إلى أداة مواجهة مع الصين أو روسيا، لا سيما وأن إسرائيل والدول الموقعة تحرص على علاقات متوازنة معهما.

يختم المقال بتأكيد أن اتفاقيات أبراهام ليست مجرد صفقة سياسية، بل تعكس تحولًا أيديولوجيًا داخليًا يقوده قادة رأوا أن التسامح هو الطريق الوحيد نحو الازدهار، وأن هذا المشروع – إذا نُمي كتحالف متكامل – قد يشكل أقوى جبهة فكرية ضد العالم الإسلامي.

https://www.atlanticcouncil.org/blogs/menasource/abraham-accords-future-after-israel-gaza/